فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.اللغة:

{اللهم} أصله يا الله حذفت اداة النداء واستعيض عنها بالميم المشددة، هكذا قال الخليل وسيبويه.
{تنزع} تسلب ويعبر به عن الزوال يقال: نزع الله عنه الشر أي أزاله.
{تولج} الايلاج: الادخال، يقال: ولج يلج ولوجا ومنه {حتى يلج الجمل في سم الخياط}.
{أمدا} الامد: غاية الشيء ومنتهاه وجمعه اماد.
{تقاة} تقية وهي مداراة الإنسان مخافة شره. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال ابن عاشور:

{قُلِ اللهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ}.
استئناف ابتدائي المقصود منه التعريض بأهل الكتاب بأن أعراضهم إنما هو حسد على زوال النبوة منهم، وانقراض الملك منهم، بتهديدهم وبإقامة الحجة عليهم في أنه لا عجب أنت تنتقل النبوة من بني إسرائيل إلى العرب، مع الإيماء إلى أن الشريعة الإسلامية شريعة مقارنة للسلطان والملك. اهـ.

.قال الألوسي:

{قُلِ اللهم مالك الملك} تأكيد لما تشعر به الآية السابقة من مزيد عظمته تعالى وعظيم قدرته؛ وفيه أيضا إفحام لمن كذب النبي صلى الله عليه وسلم ورد عليه لاسيما المنافقين الذين هم أسوأ حالًا من اليهود والنصارى، وبشارة له صلى الله عليه وسلم بالغلبة الحسية على من خالفه كغلبته بالحجة على من جادله، وبهذا تنتظم هذه الآية الكريمة بما قبلها. اهـ.

.قال الفخر:

اختلف النحويون في قوله: {اللهم} فقال الخليل وسيبويه {اللهم} معناه: يا الله، والميم المشددة عوض من يا، وقال الفرّاء: كان أصلها، يا الله أم بخير: فلما كثر في الكلام حذفوا حرف النداء، وحذفوا الهمزة من: أم، فصار {اللهم} ونظيره قول العرب: هلم، والأصل: هل، فضم: أم إليها، حجة الأولين على فساد قول الفرّاء وجوه:
الأول: لو كان الأمر على ما قاله الفراء لما صحّ أن يقال: اللهم افعل كذا إلا بحرف العطف، لأن التقدير: يا الله أمنا واغفر لنا، ولم نجد أحدًا يذكر هذا الحرف العاطف.
والثاني: وهو حجة الزجاج أنه لو كان الأمر كما قال، لجاز أن يتكلم به على أصله، فيقال (الله أم) كما يقال (ويلم) ثم يتكلم به على الأصل فيقال (وَيْلٌ أُمُّهُ).
الثالث: لو كان الأمر على ما قاله الفراء لكان حرف النداء محذوفًا، فكان يجوز أن يقال: يا اللهم، فلما لم يكن هذا جائزًا علمنا فساد قول الفراء بل نقول: كان يجب أن يكون حرف النداء لازمًا، كما يقال: يا الله اغفر لي، وأجاب الفراء عن هذه الوجوه، فقال: أما الأول فضعيف، لأن قوله (يا الله أم) معناه: يا الله اقصد، فلو قال: واغفر لكان المعطوف مغايرًا للمعطوف عليه فحينئذ يصير السؤال سؤالين أحدهما: قوله: {أمنا}.
والثاني: قوله: {واغفر لَنَا} [البقرة: 286] أما إذا حذفنا العطف صار قوله: اغفر لنا تفسيرًا لقوله: أمنا.
فكان المطلوب في الحالين شيئًا واحدًا فكان ذلك آكد، ونظائره كثيرة في القرآن، وأما الثاني فضعيف أيضا، لأن أصله عندنا أن يقال: يا الله أمنا.
ومن الذي ينكر جواز التكلم بذلك، وأيضا فلأن كثيرًا من الألفاظ لا يجوز فيها إقامة الفرع مقام الأصل، ألا ترى أن مذهب الخليل وسيبويه أن قوله: ما أكرمه، معناه أي شيء أكرمه ثم أنه قط لا يستعمل هذا الكلام الذي زعموا أنه الأصل في معرض التعجب فكذا هاهنا، وأما الثالث: فمن الذي سلم لكم أنه لا يجوز أن يقالّ: يا اللهم وأنشد الفرّاء:
وأما عليك أن تقولي كلما ** سبحت أو صليت يا اللهما

وقول البصريين: إن هذا الشعر غير معروف، فحاصله تكذيب النقل، ولو فتحنا هذا الباب لم يبق شيء من اللغة والنحو سليمًا عن الطعن، وأما قوله: كان يلزم أن يكون ذكر حرف النداء لازمًا فجوابه أنه قد يحذف حرف النداء كقوله: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق أَفْتِنَا} [يوسف: 46] فلا يبعد أن يختص هذا الاسم بإلزام هذا الحذف، ثم احتج الفراء على فساد قول البصريين من وجوه:
الأول: أنا لو جعلنا الميم قائمًا مقام حرف النداء لكنا قد أخرنا النداء عن ذكر المنادى، وهذا غير جائز ألبتة، فإنه لا يقال ألبتة (الله يا) وعلى قولكم يكون الأمر كذلك.
الثاني: لو كان هذا الحرف قائمًا مقام النداء لجاز مثله في سائر الأسماء، حتى يقال: زيدم وبكرم، كما يجوز أن يقال: يا زيد ويا بكر.
والثالث: لو كان الميم بدلًا عن حرف النداء لما اجتمعا، لكنهما اجتمعا في الشعر الذي رويناه.
الرابع: لم نجد العرب يزيدون هذه المييم في الأسماء التامة لإفادة معنى بعض الحروف المباينة للكلمة الداخلة عليها، فكان المصير إليه في هذه اللفظة الواحدة حكمًا على خلاف الاستقراء العام في اللغة وأنه غير جائز، فهذا جملة الكلام في هذا الموضع. اهـ.

.قال ابن عادل:

قوله: {اللهمَّ} اختلف البصريون والكوفيون في هذه اللفظةِ.
قال البصريون: الأصل: يا الله، فحُذِفَ حَرْفُ النداءِ، وعُوِّضَ عنه هذه الميمُ المشددة، وهذا خاصٌّ بهذا الاسم الشريف، فلا يجوز تعويضُ الميم من حرف النداء في غيره، واستدلوا على أنها عِوَضٌ من يا بأنهم لم يجمعوا بينهما إلا في ضرورة الشعر، كقوله: [الرجز]
وَمَا عَلَيْكِ أنْ تَقُولِي كُلَّمَا ** سَبَّحْتِ أوْ هَلَّلْتِ يَا اللهمَّ مَا

أُرْدُدْ عَلَيْنَا شَيْخَنَا مُسَلَّمَا ** فَإنَّنَا مِنْ خَيْرِهِ لَنْ نُعْدَمَا

وقَوْلِ الآخر: [الرجز]
إنِّي إذَا مَا حَدَث ألَمَّا ** أقُولُ: يَا اللهمَّ، يَا اللهمَّا

وقال الكوفيون: الميم المشددة بَقِيَّةُ فِعْل محذوفٍ، تقديره: أمَّنَا بخير، أي: اقْصِدنا به، من قولك: أمَمْتُ زيدًا، أي: قصدته، ومنه: {ولا آمِّينَ البيت الحرام} [المائدة: 2] أي: قاصديه، وعلى هذا فالجمع بين يا والميم ليس بضرورةٍ عندهم، وليست عوضًا منها.
وقد رَدَّ عليهمُ البصريون هذا بأنه قد سُمِعَ: اللهمَّ أمَّنا بخير، وقال تعالى: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً} [الأنفالِ: 32] فقد صرَّح بالمدعُوِّ به، فلو كانت الميمُ بقيةَ أمَّنَا لفسد المعنى، فبان بُطْلانهُ.
وهذا من الأسماء التي لزمت النداءَ، فلا يجوز أن يقع في غيره، وقد وقع في ضرورة الشعر كونه فاعلًا، أنشد الفرّاء: [مخلّع البسيط].
كَحَلْقَةٍ مِنْ أبِي دِثَارٍ ** يَسْمضعُهَا اللهمَ الْكُبَارُ

استعمله- هاهنا- فاعلًا بقوله: يسمعها.
ولا يجوز تخفيفُ الميم، وجوَّزه الفراء، وأنشد البيت: بتخفيف الميم؛ إذ لا يمكن استقامةُ الوزن إلا بذلك.
قال بعضهم: هذا خطأ فاحشٌ، وذلك لأن الميم بقية أمَّنَا- على رأي الفراء- فكيف يجوزه الفراء؟ وأجاب عن البيت بأن الرواية ليست كذلك، بل الرواية: [مخلّع البسيط].
يَسْمَعُهَا لاَهُهُ الْكُبَارُ

قال شهابُ الدينِ: وهذا لا يعارِض الرواية الأخرى؛ فإنه كما صحّت هذه صحت تلك.
ورد الزّجّاج مذهب الفراء بأنه لو كان الأصل: يا الله آمَّنا للفْظِ به مُنَبِّهًا على الأصل، كما قالوا- في وَيلمِّهِ-: وَيْلٌ لأمِّهِ.
وردوا مذهب الفراءِ- أيضا- بأنه يلزم منه جواز أن تقول: يا اللهم، ولما لم يَجُزْ ذلك علمنا فساد قولِ الفراءِ، بل نقول: كان يجب أن يكون حرف النداء لازمًا، كما يقال: يا الله اغفر لي، وأجاب الفراء عن قول الزَّجَّاجِ بأن أصله- عندنا- أن يقال: يا الله أمَّنا- ومن يُنْكِر جوازَ التكلم بذلك-؟ وأيضا فلأن كثيرًا من الألفاظ لا يجوز فيها إقامةُ الفرع مُقامَ الأصل، ألا ترى أنَّ مذهب الخليل وسيبويه أن ما أكرمه معناه: شيء أكرمه، ثم إنه- قط- لا يُسْتَعْمَل هذا الكلام- الذي زعموا أنه هو الأصل- في معرض التعجُّب، فكذا هنا.
وأجاب عن الرد الثاني بقوله: مَن الذي يُسَلِّم لكم أنه لا يجوز أن يقال: يا اللهمَّ، وأنشد قول الراجز المتقدم يا اللهمّ، وقول البصريين: هذا الشعر غير معروف، فحاصله تكذيب النقل، ولو فتحنا هذا البابَ لم يَبْقَ من اللغة والنحو شيءٌ سَلِيمًا من الطعن.
وقولهم: كان يلزم ذكر حرف النداء، فقد يُحْذَف حرف النداءِ، كقوله: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق} [يوسف: 46] فلا يبعد أن يُخَصَّ هذا الاسم بالتزام الحذف.
واحتج الفراء على فساد قول البصريين بوجوه:
أحدها: أنا لو جعلنا الميم قائمًا مقام حرف النداء، لكنا قد أجزنا تأخير حرف النداء عن ذكر المنادى فيقال: الله يا، وهذا لا يجوز ألبتة.
ثانيها: لو كان هذا الحرف قائمًا مقام النداء لجاز مثلُه في سائر الأسماءِ، فيقال: زيدُمَّ، وبكرُمَّ كما يجوز يا زيد، يا بَكر.
ثالثها: لو كانت الميم بدلًا عن حرف النداء لما اجتمعا، لكنهما اجتمعا في الشعر الذي رويناه.
ومن أحكام هذه اللفظة أنها كثر دورها، حتى حذفت منها الألف واللام- في قولهم: لا هُمَّ- أي: اللهم.
قال الشاعرُ: [الراجز].
لاهُمَّ إنَّ عَامِرَ بْنَ جَهْمِ ** أحْرَمَ حَجًّا فِي ثِيَابٍ دُسْمِ

وقال آخرُ: [الرجز]
لاهُمَّ إنَّ جُرْهُمًا عِبَادُكَا ** النَّاسُ طُرْقٌ وَهُمْ بِلادُكَا

.قال الفخر:

{مالك الملك} في نصبه وجهان:
الأول: وهو قول سيبويه أنه منصوب على النداء، وكذلك قوله: {قُلِ اللهم فَاطِرَ السموات والأرض} [الزمر: 46] ولا يجوز أن يكون نعتًا لقوله: {اللهم} لأن قولنا {اللهم} مجموع الاسم والحرف، وهذا المجموع لا يمكن وصفه.
والثاني: وهو قول المبرد والزجاج أن {مالك} وصف للمنادى المفرد، لأن هذا الاسم ومعه الميم بمنزلته ومعه (يا) ولا يمتنع الصفة مع الميم، كما لا يمتنع مع الياء. اهـ.

.قال ابن عادل:

قوله: {مَالِكَ الملك} فيه أوجه:
أحدها: أنه بدل من {اللهمَّ}.
الثاني: أنه عطف بيان.
الثالث: أنه منادًى ثانٍ، حُذِف منه حرف النداء، أي: يا مالكَ الملك، وهذا هو البدل في الحقيقة؛ إذ البدل على نية تكرار العامل؛ إلا أن الفرق أن هذا ليس بتابعٍ.
الرابع: أنه نعت لـ {اللهمَّ} على الموضع، فلذلك نُصِبَ، وهذا ليس مذهبَ سيبويه؛ لأنه لا يُجيز نعتَ هذه اللفظة؛ لوجود الميم في آخرها؛ لأنها أخرجتها عن نظائِرها من الأسماء، وأجاز المبرّدُ ذلك، واختارَه الزّجّاج، قالا: لأن الميم بدل من يا والمنادى مع يا لا يمتنع وصفه، فكذا مع ما هو عوضٌ منها، وأيضا فإن الاسمَ لم يتغير عن حكمه؛ ألا ترى إلى بقائه مبنيًّا على الضم كما كان مبنيًّا مع يا.
وانتصر الفارسيّ لسيبويه، بأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد اللهمَّ، فإذا خالف ما عليه الأسماء الموصوفة، ودخل في حيِّز ما لا يوصَف من الأصوات، وجب أن لا يُوصف. والأسماء المناداة، المفردة، المعرفة، القياس أن لا تُوصَف- كما ذهب إليه بعضُ الناسِ؛ لأنها واقعة موقع ما لا يوصف وكما أنه لما وقع موقع ما لا ذهب إليه بعضُ الناسِ؛ لأنها واقعة موضع ما لا يوصف وكما أنه لما موقع ما لا يعرب لم يعرب، كذلك لما وقع موقع ما لا يوصف لم يوصف، فأما قوله: [الرجز]
يا حَكَمث الْوَارِثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكْ

وقوله: [الرجز]
يَا حَكَمُ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودْ ** سُرَادِقُ الْمَجْدِ عَلَيْكَ مَمْدُودْ

وقوله: [الوافر]
فَمَا كَعْبُ بْنُ مَامَةَ وَابْنُ سُعْدَى ** بِأجْوَدَ مِنْكَ يَا عُمَرَ الجَوادَا

فإن الأول على أنت.
والثاني على نداء ثانٍ.
والثالث: على إضمار أعني.
فلما كان هذا الاسم الأصل فيه أن لا يوصَف؛ لما ذكرنا، كان اللهم أولى أن لا يوصَف، لأنه قبل ضَمِّ الميم إليه واقعٌ موقع ما لا يوصف، فلما ضُمَّت إليه الميم صِيغ معها صياغةً مخصوصةً فصال حكمه حكم الأصواب، وحكم الأصوات أن لا توصف نحو غاقٍ، وهذا- مع ما ضُمَّ إليه من الميم- بمنزلة صوت مضمومٍ إلى صوتٍ نحو حَيَّهَلْ، فحقه أن لا يوصَف، كما لا يوصَف حيَّهَلْ.
قال شهابُ الدينِ: هذا ما انتصر به أبو علي لسيبويه، وإن كأن لا ينتهض مانعًا. اهـ.

.قال الألوسي:

روى الواحدي عن ابن عباس وأنس بن مالك أنه لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعد أمته ملك فارس والروم قالت المنافقون واليهود: هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم هم أعز وأمنع من ذلك ألم يكف محمدًا مكة والمدينة حتى يطمع في ملك فارس والروم؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وروى أبو الحسن الثعالبي عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف قال: حدثني أبي عن أبيه قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب ثم قطع لكل عشرة أربعين ذراعًا قال عمرو بن عوف: كنت أنا وسلمان الفارسي وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني، وستة من الأنصار في أربعين ذراعًا فحفرنا فأخرج الله تعالى من بطن الخندق صخرة مدورة كسرت حديدنا وشقت علينا فقلنا: يا سلمان إرق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره خبر هذه الصخرة فإما أن نعدل عنها أو يأمرنا فيها بأمره فإنا لا نحب أن نجاوز خطه قال: فرقى سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ضارب عليه قبة تركية فقال: يا رسول الله خرجت صخرة بيضاء مدورة من بطن الخندق وكسرت حديدنا وشقت علينا حتى يحتك فيها قليل ولا كثير فمرنا فيها بأمر فإنا لا نحب أن نجاوز خطك فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سلمان الخندق والتسعة على شفير الخندق فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان فضربها ضربة صدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحًا في جوف بيت مظلم وكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح فكبر المسلمون ثم ضربها صلى الله عليه وسلم الثانية فبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحًا في جوف بيت مظلم وكبر صلى الله عليه وسلم تكبير فتح وكبر المسلمون ثم ضربها عليه الصلاة والسلام الثالثة فكسرها وبرق منها برق كذلك فكبر صلى الله عليه وسلم تكبير فتح وكبر المسلمون وأخذ بيد سلمان ورقي فقال: سلمان بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد رأيت شيئًا ما رأيت مثله قط فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم فقال: رأيتم ما يقول سلمان؟ قالوا نعم يا رسول الله قال: ضربت ضربتي الأولى فبرق لي الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ثم ضربت الثانية فبرق لي الذي رأيتم أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروح كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق لي الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلام وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها فأبشروا فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحفر فقال المنافقون: ألا تعجبون ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون أن تبرزوا للقتال فأنزل الله تعالى القرآن: {وَإِذْ يَقُولُ المنافقون والذين في قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا} [الأحزاب: 12] وأنزل هذه الآية: {قُلِ اللهم}. اهـ.